التضخم ما هو وكيف يؤثر على المال؟
ما هو التضخم؟ سؤال لابد من أنه راودك مرة على الأقل في الأعوام
الأخيرة، فمن منَّا لا يمتلك والداً أو جداً يحكي له عن أيام الخير والعز، حينما
كانت عملة البلاد تسوى أكثر من دولار، وكان بالإمكان شراء بيت وأراضي بنفس المبلغ
من المال الذي يتم حالياً استخدامه في شراء وجبة طعام من إحدى المطاعم الشهيرة أو
شراء قطعة ملابس من إحدى المحلات، ومن الممكن أن نكون أنفسنا شاهدين على ذلك؛
فهنالك من كان ينزل ليشتري وجبة فطور كاملة وجزء من وجبة الغداء بنفس المبلغ الذي
لا يمكنه من شراء رغيف خبز حالياً.
إذاً ما هي هذه الظاهرة المتسببة في حدوث تراجع لقيمة العملة تلك؟ ...
هذه الظاهرة هي ظاهرة التضخم، والتي سوف نناقشها فيما هو قادم من سطور.
تعريف التضخم
يتم تعريفه على أنَّه الظاهرة الحادثة في الاقتصاد والتي تؤدي إلى
انخفاض قيمة العملة نتيجة لطباعة المزيد منها خلال فترة قصيرة؛ فمن المعروف أن
عملية إصدار العملة تتم بشكل محدود ومدروس، وهذه الكيفية المحدودة التي تتم بها العملية
إن أصابها أي خلل فإن ذلك سيعني حدوث مشكلة ما.
تعتبر هذه العملية مرتبطة بشكل مباشر بانخفاض القدرة الشرائية للعملة؛
فمثلاً لو افترضنا أن الريال السعودي يستطيع شراء رغيفين خبر، ولكن تم إصدار عملات
كثيرة من الريال السعودي أكثر من المفترض إصدارها؛ بالتالي فإن الريال الواحد لا
يعد قادراً على شراء رغيفين خبز ويصبح أقصى استطاعته هو شراء رغيف واحد.
كيفية حدوث التضخم
إن زادت كمية العملة التي يتم إصدارها في فترة زمنية معينة عن الكمية
المفروضة؛ فإن ذلك سيعني أن هذه العملة أصبحت متوافرة في السوق بشكل أكبر، وكلما توفر
الشيء بشكل أكبر عن الطبيعي كلما نقصت قيمته عن الطبيعي؛ وبالتالي فإن قيمة العملة
تنقص؛ وهو ما يجعلنا نتوصل لاستنتاج هام ألا وهو أنه كلما زادت كمية العملة
الصادرة كلما نقصت قيمتها، وببساطة هذا هو سبب حدوث عملية التضخم.
لكن ما هو السبب الذي يدفع الدولة إلى إصدار المزيد من الأموال من
الأساس؟
يمكن القول أنَّ السبب الرئيسي في ذلك هو حدوث هبوط مفاجئ وشديد في
الدخل القومي للبلاد نتيجة لحدوث خلل في النشاط الاقتصادي، وهو ما يدفع الدولة
لطباعة المزيد من الأموال لمحاولة سد العجز الداخلي كالإيفاء برواتب الموظفين وما
شابه ذلك، ولكن ما يحدث هو العكس؛ حيث تصبح الأموال المدفوعة كرواتب ذات قيمة أقل
أو حتى بلا قيمة في بعض الحالات كما سنرى.
مثال على التضخم
من أشهر الأمثلة في الفترة الحالية على التضخم هي دولة
"فنزويلا" تلك الدولة التي تعتبر واحدة من عمالقة إنتاج وتصدير النفط في
العالم وليس في القارة الأمريكية الجنوبية وحدها، شهد اقتصاد الدولة نهضة كبرى في
العقد الأول من القرن الحالي، ولكن العقد الثاني لم يكن على ما يرام، حيث قامت
الولايات المتحدة بفرض عقوبات على البلاد أدت إلى انخفاض قيمة العائد من بيع
المنتجات النفطية، وكان ذلك الانخفاض سبباً في حدوث واحدة من أسوأ عمليات التضخم
التي عرفتها البشرية وذلك في العام ٢٠١٨م؛ فالعملة الفنزويلية القديمة "البوليفار"
أصبحت لا تساوي شيئاً تقريباً؛ ونتيجة لذلك فإن الشوارع امتلأت بها دون أن يسرقها
أو يجمعها أحد؛ فهي حرفياً لا تساوي شيئاً.
حتى تشتري دجاجة فإنك كنت ستحتاج إلى مليون بوليفار تقريباً! وهو ما
جعل الحكومة تصدر عملة رقمية تدعى البيترو وذلك لتعويض العملة القديمة التي انتهت إكلينيكياً،
تم تقدير حجم التضخم في دولة فنزويلا بنسبة مليون بالمئة خلال تلك الفترة، أي أن
ما كان يقدر البوليفار الواحد على شرائه أصبح يحتاج الآن إلى مليون بوليفار!
على الرغم من تحسن الاقتصاد الفنزويلي بصورة نسبية عن العام الماضي
إلا أن الوضع الاقتصادي ما زال متردياً للغاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق