أناس ملهمون يجب أن تقرأ قصصهم

أناس ملهمون يجب أن تقرأ قصصهم

في هذه الحياة يسعى كل إنسان ليحقق الاستفادة القصوى بقدراته التي وهبها الله -عز وجل- له، فهناك من يعمل على استغلال تلك القدرات رغم ما يواجه من صعوبات، وهناك من لا يصمد طويلاً، ويميل للانسحاب والاستسلام، ويرضى بالأمر الواقع، وكأنه ليس بإمكانه تغييره، ومن بين أولئك أصحاب الاتجاه الأول نجد من يبرز لتكون قصته عبرة وعظة لكل الأجيال من بعده حيث يصبحوا أناساً ملهمون يجب أن تقرأ قصصهم.

في هذه السطور القادمة لن نذكر كل هؤلاء الملهمون، ولكننا سنكتفي بذكر اثنين منهم، وذكر ما لاقاه أولئك الملهمون من صعوبات وتحديات لم تكن يوماً عائقاً لوصولهم للمجد.

ماري كوري

الأولى من بين أناس ملهمين يجب أن تقرأ قصصهم هي الفتاة التي وُلدت في العاصمة البولندية "وارسو" في العام ١٨٦٧ الميلادي، والتي لم تتعرف على والدتها حيث توفيت وهي لا تزال طفلة صغيرة، وسرعان ما فقدت أختها الكبرى بعدها، كما عانت من الفقر والاضطهاد نتيجة لمواقف والديها السياسية الرافضة للاحتلال الروسي، ولكنها تحولت لتكون المرأة الأولى على الإطلاق التي تنال جائزة نوبل، والشخص الأول على الإطلاق الذي يفوز بجائزتي نوبل لتسبق بذلك كافة علماء عصرها من أمثال أينشتاين وتسلا وغيرهم ممن لم يستطيعوا سبقها في تحقيق ذلك الإنجاز.

عاشت ماري طفولة صعبة كما ذكرنا؛ وهذه الطفولة الصعبة هي ما دفع ماري للعمل كمُدرِّسة خاصة لدى العائلات الثرية لتعليم أبنائهم؛ وذلك حتى تستطيع التكفل بالمصاريف الدراسية التي تحتاجها أختها لدراسة الطب في باريس، وهو ما كان بالفعل حيث ظلت ماري تنفق على أختها حتى نجحت أختها في إتمام دراستها، ومن ثم انتقلت ماري نفسها للعاصمة الفرنسية حتى تدرس الكيمياء والفيزياء والرياضيات في جامعة السوربون، وتكفلت أختها بدفع المصاريف الدراسية كنوع من رد الجميل.

لم تكن الظروف وردية مع ماري التي عانت من البرد الشديد في الغرفة التي قامت باستئجارها في باريس؛ وذلك لرخص ثمن الغرفة وحتى توفر المصاريف للدراسة، كما أنها تمكنت من تعلم اللغة الفرنسية من خلال تحدثها مع نفسها طوال فترة إقامتها في الغرفة حتى تمكنت من التفوق على نظرائها الفرنسيين في الدراسة والوصول للمراكز الأولى على الجامعة.

تمكنت ماري بعد نهاية دراستها من تسطير اسمها بالذهب في سجلات التاريخ بعد أن كانت اول امرأة تملك مركزاً لدراسة الإشعاع في العالم، ليس ذلك فحسب بل إن مركزها كان هو المركز الأفضل في العالم لدراسة الإشعاع؛ وهو ما أعطاها سمعة عالمية أضيف إليها الكثير مع فوزها بجائزة نوبل في الفيزياء في العام ١٩٠٣م، ومن ثم جائزة أخرى في الكيمياء في العام ١٩١١م.

كما كانت السيدة الأولى التي تحصل على الأستاذية من جامعة السوربون الفرنسية لتضرب بذلك ماري مثالاً رائعاً في التحدي والإصرار وتكون من بين أناس ملهمين يجب أن تقرأ قصصهم.

إسحاق نيوتن

الثاني من أناس ملهمون يجب أن تقرأ قصصهم، هو الطفل الذي وُلد لمُزارع كان قد توفى قبل ولادة ابنه بثلاثة أشهر، وعانى من مشاكل عدة أثناء الولادة دفعت الجميع للاعتقاد بأنها مسألة وقت حتى يموت الطفل حديث الولادة، وعانى من الوحدة بعد انتقال أمه لتعيش مع زوجها الجديد، ومن ثم عانى من التنمر في المدرسة دفعه لترك المدرسة خلال إحدى فترات دراسته، ليعود بعد ذلك أقوى مما سبق ويصير العالِم الأشهر في التاريخ، والمؤسِّس لعلم التفاضل والتكامل الذي كان حجر الأساس في أغلب النظريات الرياضية التي وُضِعت في السنين اللاحقة إن لم تكن كل النظريات قد استندت على ذلك العلم بشكل أو بأخر، إنه صاحب أشهر تفاحة في التاريخ "إسحاق نيوتن".

تمكن نيوتن على الرغم مما لاقاه من صعوبات من وضع العديد من النظريات والقوانين ربما يكون أكثرها شهرة هو قانون الجاذبية، الذي توصل إليه مع سقوط التفاحة على رأسه أثناء استلقائه في الحديقة، وذلك على الرغم من كونه طالب عامل في كلية الثالوث بكامبريدج حيث كان يعمل لصالح الكلية في مقابل دفعه لمصاريف دراسية أقل؛ وذلك لعدم قدرته على التكفل بمصاريف الكلية كاملة ليكون بذلك من أناس ملهمون يجب أن تقرأ قصصهم.